الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرح السيوطي -رحمه الله تعالى- كلام ابن الصلاح المذكور، فقال في تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي -1/ 402: أعرض الناس في هذه الأزمان المتأخرة عن اعتبار مجموع هذه الشروط المذكورة في رواية الحديث، ومشايخه، لتعذر الوفاء بها على ما شرط، ولكون المقصود الآن صار إبقاء سلسلة الإسناد المختص بالأمة المحمدية، والمحاذرة من انقطاع سلسلتها، فليعتبر من الشروط ما يليق بالمقصود المذكور على تجرده، وليكتف بما يذكر، وهو كون الشيخ مسلما بالغا غير متظاهر بفسق، أو سخف يخل بمروءته، لتحقق عدالته، ويكتفى في ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط ثقة غير متهم، وبروايته من أصل صحيح، موافق لأصل شيخه، وقد قال نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر البيهقي، وعبارته: توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زماننا، الذين لا يحفظون حديثهم، ولا يحسنون قراءته من كتبهم، ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم، وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث، قال: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لا يقبل منه، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته، والحجة قائمة بحديثه برواية غيره، والقصد من روايته، والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا، وأخبرنا، وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا صلى الله عليه وسلم، وكذا قال السلفي في جزء له في شرط القراءة، وقال الذهبي في الميزان: ليس العمدة في زماننا على الرواة، بل على المحدثين، والمقيدين، الذين عرفت عدالتهم، وصدقهم في ضبط أسماء السامعين، قال: ثم من المعلوم أنه لا بد من صون الراوي، وستره. انتهى.
والله أعلم.