الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دامت البضاعة حلالا، وشركتك تقوم ببيعها بطريقة مباحة، وقانونية -أيضا-، فلا حرج عليك في تنفيذ هذا البيع لصالح شركتك، فإذا قام المشتري بعد ذلك بالتهرب من دفع الرسوم الجمركية المتعارف عليها عند إخراجه للبضاعة من هذا البلد إلى بلده، فهذا تقع مسؤوليته عليه هو، لا على من باعه البضاعة، فإن المرء لا يكلف إلا بفعل نفسه، ولا يُسأل عن فعل غيره، فإذا فعل غيره منكرا، أو ارتكب إثما، فعلى نفسه دون غيره من الناس، كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ {النساء: 111}.
قال الطبري في تفسره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبًا على عَمْدٍ منه له، ومعرفة به، فإنما يجترح وَبَال ذلك الذنب، وضُرَّه، وخِزْيه، وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.
وقال القرطبي في الجامع: (فإنما يكسبه على نفسه)، أي عاقبته عائدة عليه. اهـ.
وقال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: 105}، وقال سبحانه: لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ {النساء: 84}. قال الواحدي في الوجيز: أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك. على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.
ويبقى أن المسلم بصفة عامة -وليس البائع خاصة- مطالب بالنصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بقدر إمكانه، فالمطلوب من السائل، وغيره هو نصح هذا البائع بأداء ما يجب عليه من الحقوق.
والله أعلم.