الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ممارسة الزنا والحمل منه والإقدام على الانتحار بعد ذلك أمور كلها من كبائر الذنوب، نسأل الله العافية، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1095 ،4686 ، 10397 ،12658 .
إلا أن ارتكاب المسلم لهذه الذنوب أو غيرها ما عدا الشرك بالله تعالى وموته عليها من غير توبة لايخرجه ذلك عن ملة الإسلام، بل هو تحت مشيئة الله يرجى له الرحمة والمغفرة كما هو معتقد أهل السنة والجماعة في مر تكب الكبيرة ، وانظري الفتوى رقم: 9115 ، ومما يستدل به على هذا وبشأن قاتل النفس خصوصاً دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للذي قتل نفسه، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث جابر وفيه: فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر معه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه فرآه وهيئته حسنة ورآه مغطياً يديه فقال له ما صنع بك ربك فقال غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى لله عليه وسلم فقال مالي أراك مغطياً يديك، قال قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر.
وقد بوب الإمام النووي لهذا الحديث بقوله: باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر، ثم قال معلقا على هذا الحديث: فيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة فليس بكافر ولا يقطع له بالنار بل هو في حكم المشيئة. انتهى
وبهذا يتضح بطلان قول مدعي نفي الإسلام عن هذه المنتحرة وشبهها من أصحاب أهل الكبائر، وإنما هم في مشيئة الله تعالى إن شاء غفر لهم ولم يعذبهم وإن شاء عاقبهم، لذا فلا مانع من الترحم والاستغفار لهذه المنتحرة ، فالله عز وجل واسع المغفرة ، أما الشيخ فيلتمس له حسن المخرج إذ لعله لم يتضح له وجه سؤال الفتاة أو لعلها طلبت منه مساعدتها في إسقاط الحمل كما طلبت من غيره فأعرض عنها لذلك، أو أراد تنبيهها أو زجرها عن مثل ما أقدمت عليه فلم يسترسل معها في الحديث عن موضوعها، هذا وننبه إلى أن إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه حرام ولا يجوز المساعدة عليه وكونه من زنى لا يبرر إسقاطه، نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة للمسلمين. والله أعلم