الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأقل ما يجزئ في الوضوء هو ما اقتُصر فيه على الفرائض، والمتفق عليها من حيث الإجمال هي: غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين. كما في الآية: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ {المائدة: 6}.
وانظر الفتوى: 3682.
والإجماع منعقد على أنَّ الماء المجزئ في الوضوء والغسل لا يقدر بمقدار معين.
قال ابن عابدين -الحنفي- في كتابه (رد المحتار على الدر المختار): نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَا يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِقْدَارٍ.
وَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ أَدْنَى مَا يَكْفِي الْغُسْلَ صَاعٌ، وَفِي الْوُضُوءِ مُدٌّ؛ لِلْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ» - لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ، بَلْ هُوَ بَيَانُ أَدْنَى الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: حَتَّى إنَّ مَنْ أَسْبَغَ بِدُونِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ زَادَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ طِبَاعَ النَّاسِ وَأَحْوَالَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. وَبِهِ جَزَمَ فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ. انتهى.
وللفائدة انظر الفتويين: 7503 / 321994.
والله أعلم.