الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى: 194065. تفصيل كلام أهل العلم حول وضع المصحف على الأرض الطاهرة، وقد ذكرنا أن بعض أهل العلم يقول بالحرمة، ومنهم من يقول بالإباحة، ولا شك أن الخروج من خلاف أهل العلم هو الأقرب للورع والاحتياط في الدين، ومن الأدب المأمور به أن يصان كتاب الله، ويعظَّم، فإن ذلك أتقى لله -تعالى-، كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ. (الحج 30).
وقال الإمام النووي في التبيان: وأجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق، وتنزيهه، وصيانته. اهـ.
وقال ابن حجر في فتاواه: فإن القرآن وكل اسم معظم، كاسم الله، أو اسم نبي له يجب احترامه، وتوقيره، وتعظيمه. اهـ.
وأما وضعه على الكرسي أو السرير المرتفع؛ فهو جائز إذا كانا طاهرين، وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضع التوراة على وسادة، كما في الحديث عن ابن عمر قال: أتى نفر من يهود، فدعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى (القف)، فأتاهم في بيت المدراس فقالوا: يا أبا القاسم: إن رجلًا منَّا زنى بامرأة، فاحكم، فوضعوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسادة، فجلس عليها، ثم قال: ائتوني بالتوراة، فأتي بها، فنزع الوسادة من تحته، فوضع التوراة عليها، ثم قال: آمنت بك، وبمن أنزلك ... أخرجه أبو داود، وحسنه الألباني.
والله أعلم.