الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الشركة مضاربة متعددة بين صاحبي رأس المال وبين العاملين.
جاء في المغني لابن قدامة: ويجوز أن يدفع مالا إلى اثنين مضاربة في عقد واحد، فإن شرط لهما جزءا من الربح بينهما نصفين جاز، وإن قال لكما كذا وكذا من الربح ولم يبين كيف هو.. بينهما نصفان، لأن إطلاقه قوله "لكما" يقتضي التسوية.
وفي "مغني المحتاج": ويجوز أن يقارض في الابتداء المالك الواحد اثنين كزيد وعمرو متفاضلا ومتساويا فيما شرط لهما من الربح، وجاء في التجريد لنفع العبيد: فصل في أحكام القراض: ويجوز تعدد كل من المالك والعامل.
وعليه، فإذا تقرر أن هذه الشركة مضاربة فإن العامل في المضاربة لا يضمن رأس المال، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط، كما يتحمل العامل خسارة مجهوده. وهذا فيما إذا لم يحصل من العامل تقصير ولا تفريط، وأما بالنسبة للمبالغ التي دفعت للعاملين من قبل صاحبي رأس المال كدين عليهما يسددانه من الأرباح فينظر إن زاد القرض على نصيبيهما من الأرباح وجب عليهما سداد ما بقي منه لصاحبي رأس المال، وإن لم يزد لم يكن لصاحبي رأس المال حق في المطالبة، وإن نقص عن نصيب العاملين رجعا على صاحب رأس المال بالفارق، فإذا كنت مشاركا في هذه الشركة بجهدك فقط فلا يحق لشركائك تضمينك خسارة رأس المال.
فهذه الشركة المذكورة تعتبر مضاربة، ومن المقرر عند أهل العلم أن المضارب (العامل) لا يضمن رأس مال الشركة إلا بتعد وتفريط.
والله أعلم.