الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمشتري إنما يشتري الطلب بمواصفاته المعروضة في المنصة، وبهذا السعر المخفض، فإذا قلّل المطعم المواد المستخدمة فيه، فقد غَشَّ المشتري، وخالف شرطه وعقده مع المنصة، وقد قال الله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}، وقال -عزَّ وجلَّ-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27}.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
والغش في البيع محرم بإجماع العلماء. قال النفراوي في «الفواكه الدواني»: الغش حرمته مجمع عليها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: من غشنا فليس منا. اهـ.
وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي (6/ 55): الغش حرام بإجماع الأمة، لأنه نقيض النصح، وهو من الغشش وهو الماء الكدر، فلما خلط السالم بالمعيب، وكتم ما لو أظهره لما أقدم عليه المبتاع، أو لم يبذل أطيب ما بذل على السلامة في اعتقاده مما اطلع عليه. اهـ.
فما فعله السائل هو الوفاء الواجب بشرط المنصة، والنصح الواجب للمشتري، ولا يسعه المشاركة في الغش، ولا طاعة صاحب المطعم في ذلك. وانظر للفائدة الفتوى: 384661.
والله أعلم.