الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن أهم أسباب نجاح الحياة الزوجية أن تحسن الفتاة اختيار من يكون لها زوجا، فتتريث، وتُحَكِّم عقلها، وتمتثل ما جاء به الشرع من تحري الكفء صاحب الدين، والخلق، كما في سنن ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا خطب إليكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. فصاحب الدين، والخلق، إذا أحب المرأة أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، كما قال الحسن البصري فيما نقله عنه البغوي في شرح السنة. فإن ظهر لك أنّ هذا الشاب تائب من العلاقات المحرمة، ومستقيم الدين، والخلق، فلا مانع من قبوله، وأمّا إن ظهرخلاف ذلك، فينبغي عليك رده.
والسبيل الصحيح لمعرفة حال هذا الشاب، هو سؤال من يعرفونه معرفة حقيقية، وتعاملوا معه من ثقات الناس؛ فمعرفة طباع شخص، وأخلاقه تحتاج إلى صحبة طويلة، ومعاشرة مديدة بكل ظروف الحياة، وما فيها من مواقف، وأحوال. وبعد الاستشارة تكون الاستخارة، وتفويض الأمر لله -تعالى-؛ ليختار لك الأصلح، وراجعي في الاستخارة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.
وفي نهاية المطاف، إن يسر الله لك الزواج منه، فذاك، وإلا فنرجو أن ييسر الله لك من هو خير منه.
فتوجهي لربك، وسليه أن يرزقك الزوج الصالح، والرجال كثير. واقطعي كل علاقة لك بهذا الشاب؛ فهو أجنبي عنك. وقد أحسنت بنصحك لهذا الشاب بالستر على نفسه، وأن لا يتكلم عن ماضيه السيء؛ لأن المسلم مطلوب منه -شرعا- أن يستر على نفسه، وجاء الوعيد الشديد لمن يتكلم بما أتى من معاص، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كل أمتي معافى، إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح، وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا، وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
فإقدام هذا الشاب على الكلام عن العلاقة التي كان عليها قد يدل على جهل، وغفلة. وننبه إلى أن الخطبة لا تبيح التواصل بين الرجل والمرأة الأجنبية على النحو الذي يسلكه الكثير من الناس، فهذا باب شر وفساد، وقد يكون مدخلا للشيطان؛ لإيقاعهما في الفتنة، وإتيان الفواحش، فهما قبل العقد لا يزالان أجنبيين عن بعضهما.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 343282.
والله أعلم.