الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالإقعاء المرادُ به نصب القدمين، والجلوس على العقبين، إنما يشرع في الجلوس بين السجدتين عند من قال باستحبابه من الفقهاء، وهم الشافعية، وليس في كل الصلاة.
قال النووي في المجموع: ثَبَتَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ " قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ، قَالَ: هِيَ السُّنَّةُ، فَقُلْنَا: إنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ قَالَ: بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: " مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تَمَسَّ أَلْيَتَاكَ عَقِبَيْكَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ "... وَقَدْ اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. اهــ.
ومن أقعى في كل جلوسه، فصلاته صحيحة، لكنه خالف السنة.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: فَلَوْ جَلَسَ فِي الْجَمِيعِ مُفْتَرِشًا، أَوْ مُتَوَرِّكًا، أَوْ مُتَرَبِّعًا، أَوْ مُقْعِيًا، أَوْ مَادًّا رِجْلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا. اهــ.
مع التنبيه -أيضا- إلى أن سنة الافتراش هي الغالب في جلوس النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجاءت بها أكثر روايات الحديث.
قال في تحفة الأحوذي عن المقارنة بين الافتراش، وبين الإقعاء: الصَّحِيحَ أَنَّ الِافْتِرَاشَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي؛ وَأَحْسَنُ فِي هَيْئَةِ الصَّلَاةِ.... قَالَ بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ: الِافْتِرَاشُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِقْعَاءِ الْمَسْنُونِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ من أحواله عليه السلام. اهــ.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى: 15980.
والله أعلم.