الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المهم أن تعلم أولا أن المال الذي تركه والدكم هو تركةٌ، وحق لكل الورثة يقسم بينهم القسمة الشرعية.
وليس لأمك حق في أن تستحوذ على نصيبهم، أو تتصرف فيه بتجارة أو غيرها بدون إذن من الورثة. فمن كان من الورثة بالغا؛ فله الحق في أخذ نصيبه.
ومن كان منهم دون سن البلوغ؛ فليس لأمك حق الوصاية على ماله لمجرد أنها أمّه، ولا تكون وصية على صغارها في أموالهم، إلا إذا أوصى والدك قبل وفاته بأن تكون هي الوصية عليهم، أو تم تعيينها من المحكمة وصية عليهم.
فإن لم يكن هذا ولا ذاك؛ فليس لها حق في التصرف في أموال الورثة الصغار.
وانظر الفتوى: 28545 في بيان من يتولى أموال القاصرين والعاجزين.
ولا شك في تحريم وضع المال في بنك ربوي، وأخذ الفائدة الربوية، فإن هذا من الربا الصريح، وتلك الزيادة الربوية لا يحل أكلها.
والواجب سحب أصل المال من المصرف، والتخلص من الفوائد الربوية بإنفاقها في المصالح العامة. وقد بينا في الفتوى: 126602 كيفية التخلص من الفوائد الربوية.
فاجتهدوا في نصح أمكم وتذكيرها بالله تعالى، وأن الحاجة لا تبرر أكل الربا، وأن ما عند الله تعالى لا ينال بمعصيته.
فإن استجابت للنصيحة فذاك، وإلا تعين على البالغ منكم سحب نصيبه من ذلك المال الموضوع في البنك الربوي إن أمكن.
وأما الأكل من نفقتها؛ فإن كان لها دخلٌ آخر حلال؛ كالمال الذي يكسبه أخواك، ويساعدان به أمك فيما ذكرت؛ فإن حكم الأكل من نفقتها هو حكم الأكل من المال المختلط، فمن أهل العلم مَن منع من الأكل منه مطلقا، ومنهم من أجاز مطلقا، ومنهم من فصل فقال: إن غلب الحرام فهو حرام، وإن غلب الحلال فهو حلال. وراجع الفتوى: 6880.
ومن كان منكم محتاجا، وليس له كسب، فنرجو أن لا يكون عليه إثم.
وأما إن لم يكن لها دخل آخر إلا ما تستفيده من ذلك الكسب الربوي؛ فلا يحل لكم الأكل من تلك الفوائد الربوية إلا عند الضرورة الملجئة، كأن يوجد منكم من هو صغير، وليس له من ينفق عليه، أو بالغ عاجز عن الكسب، أو لم يجد عملا.
وانظر الفتوى: 167569 في حكم استفادة الأبناء من أموال أمهم الربوية، ومثلها الفتوى: 38599.
والله أعلم.