الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما سمته السائلة تنازلا، إن كانت تعني به تمليك نصيبها لأخيها، فهو بمعنى الهبة، والهبة إذا اقترنت بشرط ينافي مقتضاها، ففي صحتها، وصحة الشرط خلاف بين أهل العلم، قال النووي في (الروضة): الْمَذْهَبُ فَسَادُ الْهِبَةِ، وَالْوَقْفِ بِالشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ لِلْبَيْعِ. اهـ.
وقال ابن قدامة في (المغني): لا يصح تعليق الهبة بشرط ... وإن شرط في الهبة شروطا تنافي مقتضاها نحو أن يقول: وهبتك هذا بشرط أن لا تهبه، أو لا تبيعه، أو بشرط أن تهبه، أو تبيعه، أو بشرط أن تهب فلانا شيئا. لم يصح الشرط، وفي صحة الهبة وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع. اهـ.
وجاء في (الموسوعة الفقهية): الشرط المقترن بالهبة قد يكون صحيحا، أو غير صحيح. فالشرط الصحيح هو ما كان مؤكدا لمقتضاها غير مخالف لأحكامها ... أما الشرط غير الصحيح، فإنه الشرط الذي يخالف أحكام الهبة، ومقتضاها، كما لو قال: وهبتك هذا بشرط أن لا تهبه، ولا تبيعه لأحد، أو وهبتكه بشرط أن تعيده لي بعد شهر. فيرى جمهور الفقهاء: الحنفية، والشافعية في قول، والحنابلة في المذهب إلى أنه يبطل الشرط، ويصح العقد ... وذهب المالكية في قول، والشافعية في المذهب، والحنابلة في وجه إلى أنه يبطل العقد، والشرط. اهـ.
فعلى مذهب الجمهور: لو وهبت السائلة نصيبها لأخيها بشرط ألا يبيع، أو إذا باع رجعت لها هبتها، بطل الشرط، وصحت الهبة، ولا شيء للسائلة، إذا باع أخوها البيت.
وأما على مذهب الشافعية، ومن وافقهم، فلا تصح الهبة أصلا، ويبقى نصيب السائلة لها.
وقد سبق لنا بيان أن الهبة لا تقبل التأقيت، ولا التعليق، وذلك في الفتوى: 104667.
وأما إذا كانت السائلة تعني بالتنازل هبة المنفعة دون الرقبة، بمعنى أن تهب لأخيها منفعة نصيبها من البيت، ولكن دون تمليك، إلى أن يبيعه، فلا حرج في هذا، وهو بمعنى العارية، فقد عرف الفقهاء العارية بأنها: هبة المنافع مع بقاء ملك الرقبة. كما جاء في الموسوعة الفقهية.
والله أعلم.