الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا سبب التعويض الذي تدفعه شركة الفيزا عند تلف السلعة، وهل تدفع ذلك عند التلف مطلقا، ولو بسبب من صاحب الجهاز، أو التعويض مشروط بما إذا كان التلف بغير قصد منه، ولا تفريط؟
وعلى فرض كون التعويض محض هبة معلقة على حصول التلف مطلقا، وسبب تلك الهبة هو سداد الثمن بواسطة الفيزا، فهنا ينظر إن كانت المعاملة التي هي سبب تلك الهبة معاملة مشروعة، فلا حرج في الانتفاع بالهبة، وأما لو كانت المعاملة التي هي سبب تلك الهبة معاملة محرمة، فتعتبر الهبة كسبا خبيثا يتخلص منه، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 169107.
وحتى على فرض مشروعية المعاملة التي هي سبب لتلك الهبة، فلا بد من التحقق من كون المرء ينطبق عليه وصف استحقاقها بأن كانت مطلقة، وليست مقيدة بحصول التلف من غير تفريط منه، أو سوء استخدام، فإن كانت مقيدة بذلك، فلا حق لك فيها، لعدم تحقق شرط استحقاقها، وأصل ذلك هو وجوب الوفاء بالعقود والشروط، لقول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح- وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إذا كان حسن الوفاء، ورعاية العهد مأمورا به، علم أن الأصل صحة العقود، والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به. اهـ.
والله أعلم.