الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذكر على وجه العموم مطلوب ومشروع في كل وقت وحين لقول الحق سبحانه: [ يا أيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا](الأحزاب: 41_42). وقال: [ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ] (الأحزاب: 35). وقال سبحانه: [الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ] (آل عمران: 191).
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد في المسند وصححه الأرناؤوط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي عند ما سأله إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل.
ومن هذا يعلم مشروعية الذكر من حيث العموم إلا أن تخصيص ذكر معين بوقت معين وبعدد معين يحتاج إلى دليل، فما لم يدل الدليل عليه منه فلا يفعل، لأنه يعتبر بدعة إضافية، والخير كله في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم يقول: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم. وفي رواية البخاري: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد. ومصداق هذا قول الله تعالى: [وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا] (النور: 54). وقوله: [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ] (آل عمران: 31).
ولا شك أن طريقة هذا الخطيب في الذكر من البدع المخالفة التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من التابعين ولا غيرهم من أهل العلم، وعلى هذا، فالذي نراه أن تحاول إقناع هذا الخطيب بشكل هادئ وأسلوب هين تعرض عليه فيه أقوال أهل العلم في الفتاوى التي أشرت إليها وليكن ذلك بعيدا عن الناس، لأن ذلك أبلغ في النصيحة، فإن قبل نصيحتك فاحمد ربك أن وفقت إلى ذلك، وإن لم يقبل فقد برئت ذمتك من فعله لإبلاغك الحق له وانصح من قدرت على نصحه من المصلين.
والله أعلم.