الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الضرب على الوجه؛ لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه. واللفظ للبخاري، وعند مسلم: إذا قاتل أحدكم أخاه فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ....
قال النووي: وفي رواية: لا يلطمن الوجه...
قال العلماء: هذا تصريح بالنهي عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن، وأعضاؤه نفيسة لطيفة وأكثر الإدراك بها، فقد يبطلها ضرب الوجه، وقد ينقصها، وقد يشوه الوجه، والشين فيه فاحش لأنه بارز ظاهر...انتهى.
وجاء في سبل السلام للصنعاني: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا قاتل أحدكم ـ أي: غيره، كما يدل له فاعل: فليجتنب الوجه ـ متفق عليه، وفي رواية: إذا ضرب أحدكم ـ وفي رواية: فلا يلطمن الوجه ـ الحديث.
وهو دليل على تحريم ضرب الوجه، وأنه يتقى فلا يضرب، ولا يلطم، ولو في حد من الحدود الشرعية ولو في الجهاد، وذلك؛ لأن الوجه لطيف يجمع المحاسن، وأعضاؤه لطيفة، وأكثر الإدراك بها، فقد يبطلها ضرب الوجه، وقد ينقصها، وقد يشين الوجه، والشين فيه فاحش؛ لأنه بارز ظاهر لا يمكن ستره، ومتى أصابه ضرب لا يسلم غالبا من شين، وهذا النهي عام لكل ضرب، ولطم من تأديب، أو غيره. اهـ.
واعلم أنه لا بد للتوبة من حقوق العباد أن يتحللهم التائب إن أمكن الاتصال بهم، فإن لم يمكن الاتصال بهم فليكثر من الأعمال الصالحة والاستغفار لمن أخطأ في حقهم، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الاستغفار للمظلوم والدعاء له يكفي في إعطائه حقه.
وانظر الفتاوى: 431677، 111563، 431677.
وأما عن الخوف من تعجيل العقوبة في الدنيا، فصحيح أن من أسبابه الظلم والبغي؛ ففي الحديث: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق. رواه الحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.
وقال المناوي في (فيض القدير): (بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا) أي قبل موت فاعليهما: (البغي) أي مجاوزة الحد والظلم، (والعقوق) للوالدين وإن عليا، أو أحدهما، أي إيذاؤهما ومخالفتهما فيما لا يخالف الشرع ... اهـ.
ولكن من تاب صادقًا، وتعذر عليه الاستسماح من أصحاب الحقوق، وعوض ذلك بالاستغفار للمظلومين والدعاء لهم، فنرجو أن يؤمنه الله من تعجيل العقوبة في الدنيا، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في حديث ابن ماجه، وحسنه ابن حجر.
والله أعلم.