الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم الإسبال وأن ذلك يشمل البنطلون أيضاً والثوب والإزار، ونقلنا أقوال أهل العلم في ذلك. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1633 ، 31463. والفتاوى المرتبطة بها.
وأما حديث: إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل. فقد رواه أبو داود في سننه وغيره، وقد صححه بعض أهل العلم كالنووي، وضعفه آخرون كالألباني -رحمه الله- لأن فيه أبا جعفر الراوي عن عطاء وهو مجهول من أهل المدينة، ويحيى بن أبي كثير مدلس وقد عنعن.
والأحوط أن لا يصلي المسلم وهو مسبل إزاره بل يرفعه قبل الصلاة.
وأما عن الإسبال خوفا من أذية الكفار. فإذا غلب على ظنك أنك ستتعرض للأذى من المشركين أو أنهم يلصقون بك التهم الخطيرة لمجرد رفع إزارك، فقد قال تعالى: [لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ] (البقرة: 286) وقال تعالى: [ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ] (البقرة: 173)
فإذا ضطر المسلم إلى إسبال إزاره خوفاً من الأذى فنرجو أنه لا حرج عليه إن شاء الله تعالى.
قال الحافظ: ويستتثنى من إسبال الإزار مطلقاً ما أسبله لضرورة كمن يكون بكعبه جرح يؤذيه لذباب -مثلاً- إن لم يستره بإزاره حيث لا يجد غيره. والشاهد قوله: لضرورة. وانظر الفتوى رقم: 16950.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين ففي النار. فلا يعني هذا أنه مخلد، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هو مخلد، وإنما يعذب في النار بقدر المعصية ثم يخرج منها المؤمنون ويبقى فيها المشركون.
والمراد بقوله: ففي النار هو أن ما دون الكعبين من قدم المسبل في النار عقوبة له على فعله وانظر الفتوى رقم: 31463.
وإذا قلنا يجوز للمضطر أن يسبل إذا خاف على نفسه لا يعني هذا أن مسألة الإسبال من المسائل الثانوية. وهل هناك شيء ثانوي يكون سبباً في دخول النار. نسأل الله السلامة والعافية.
وإنما علينا أن نطيع الله عز وجل ورسوله ونجتنب ما نهانا عنه.
كما قال تعالى: [ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ] (الحشر: 7)