الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال شيء من الغموض، وعموما، فإن الرحم شأنها عظيم، وقد أوجب الله صلتها، وحرم قطيعتها، قال -تعالى-: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء: 1}. نقل ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس، وغيره أنهم قالوا في معناها: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ولكن بروها، وصلوها. انتهى. وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك "، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها [محمد: 23].
ومن وقع في القطيعة من المكلفين، فإنه يأثم، ويأثم أيضا من تسبب في هذه القطيعة، والله -عز وجل- يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.
وينبغي السعي في الإصلاح، فالإصلاح بين الناس قربة من أعظم القربات، وجاءت النصوص مبينة فضله، كقوله -سبحانه-: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء: 114}، وروى أحمد، وأبو داود عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة.
وراجعي للفائدة الفتوى: 232465.
والله أعلم.