الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن من سها عن التشهد الأول، فسبح له المأمومون، أو تذكر قبل انتصابه قائما لزمه الرجوع، وإن استتم قائما لا يعود للتشهد؛ لأنه تلبس بركن، ويسجد للسهو؛ لما رواه أبو داود وغيره عن المغيرة بن شعبة: إذا قام الإمام في الركعتين، فإن ذكر قبل أن يستوي قائما، فليجلس، فإن استوى قائما، فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو.
ولكن وقع الخلاف بينهم فيما لو رجع للتشهد الأول بعد أن استتم قائما، هل تبطل صلاته أم لا؟
فذهب الحنفية والشافعية إلى أن صلاته باطلة إذا عاد عامدا عالما، وذهب المالكية في المشهور من مذهبهم، والحنابلة إلى أن صلاته لا تبطل، واستثنى الحنابلة ما لو شرع في القراءة، فإنها تبطل إذا عاد للتشهد عالما عامدا، كما استثنى المالكية ما لو عاد بعد أن أكمل الفاتحة، فتبطل صلاته عندهم.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 440923.
وعليه؛ فإن كان الإمام قد رجع قبل انتصابه؛ ففعله صحيح، وتجب متابعته فيه، وإن رجع بعد أن انتصب قائمًا؛ فصلاته صحيحة إن كان جاهلا، أو ناسيا، أو عمل بمذهب من يرى عدم بطلان الصلاة بالرجوع بعد الانتصاب قائمًا. وإن كان الأولى أن لا يرجع عملًا بالحديث، وخروجًا من خلاف من يقول ببطلان الصلاة.
وأما كون المسجد فيه عدة أدوار، أو مكان منفصل للنساء، فهذا لا يغير في الحكم شيئًا.
وعلى الإمام أن يتحرى موافقة الشرع في صلاته، ولا يعرض المأمومين للتشويش في صلاتهم، كما أن على المأمومين إحسان الظن بأئمتهم، ومتابعتهم فيما لا يتحققون بطلانه.
والله أعلم.