الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القراءات السبع محفوظة ومنقولة بالتواتر؛ كما قال السيوطي في الكوكب: والسبع قطعا للتواتر انتمى... اهـ.
وقال الجزري رحمه الله في منجد المقرئين ومرشد الطالبين: القراءات الثلاث متواترة، تلقاها جماعة من جماعة مستحيل تواطؤهم على الكذب، وإذا كانت كذلك فليس تواترها ولا تواتر السبع مقتصرا عند أهلها فقط؛ بل هي متواترة عند كل مسلم، سواء قرأ القرآن أو لم يقرأه، لأن ذلك معلوم من الدين بالضرورة لأنها أبعاض القرآن ... اهـ.
ولا يصح ولا يجوز أن يقرر المسلمون الاعتماد على قراءة واحدة منها، ويتركوا باقي القراءات تركا كليا، بل يجب على سبيل الكفاية أن يتعلمها بعضهم، فقد ذكر الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح أن قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} خبر معناه الأمر، وقال: فإنا مأمورون وجوبا أن نحفظ القرآن بالقراءات المتواترة على سبيل الكفاية. اهـ.
وقال الشيخ البنا في إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر: والقرآن والقراءات: حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل للإعجاز، والبيان، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف، أو كيفيتها من تخفيف وتشديد، وغيرهما، وحفظ القرآن فرض كفاية على الأمة، ومعناه أن لا ينقطع عدد التواتر، فلا يتطرق إليه التبديل، والتحريف، وكذا تعليمه أيضا فرض كفاية، وتعلم القراءات أيضا، وتعليمها. اهـ.
وأما القراءات الشاذة فلا تجوز القراءة بها، ولكن يجوز الاحتجاج بها، كما قال السيوطي في الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع:
وأجمعوا أن الشواذ لم تبح قراءة بها ولكن الأصح
كخبر في الاحتجاج تجري وأنها التي وراء العشر
والله أعلم.