الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينفس كربك، ويصلح الحال بينك وبين زوجك، ونوصيك هنا بثلاثة أمور:
أولها: الدعاء، فاستعيني بربك في إصلاح الحال، فهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186}.
وثانيها: الصبر، فإنه من أفضل ما تتسلى به النفس في مثل هذه الأمور، ولمعرفة فضائل الصبر راجعي الفتوى: 18103.
وثالثها: كثرة الذكر، فذكر الله -سبحانه- به تهدأ النفس، ويطمئن القلب، فقد قال -عز وجل-: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28}.
ثم إن كان زوجك قد قال إن الواجب لك عليه محصور في النفقة، فكلامه غير صحيح، هنالك حقوق أخرى عليه، منها: العدل بينك وبين زوجته الأخرى، إضافة إلى أنه يجب على الزوج أن يطأ زوجته حسب حاجتها وقدرته، ويمكن مطالعة الفتويين: 73149، 56769.
ولم نفهم مقصدك برفض العيش معه، فإن كنت تعنين بذلك طلب الطلاق لأجل سفره، فليس هذا بمجرده مسوغًا لطلب الطلاق، ولكن من حقك عليه أن لا يغيب عنك أكثر من ستة أشهر، فإن غاب وطلبت قدومه بعد ذلك فلم يرجع ولم يمنعه من ذلك عذر، فلك حينئذ الحق في طلب الطلاق.
جاء في الإنصاف للمرداوي: وإن سافر عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك إن لم يكن عذر.... فإن أبى شيئا من ذلك ولم يكن له عذر فطلبت الفرقة، فرّق بينهما. انتهى.
ويجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه ولو كانتا في بلدين مختلفين، فكون زوجته الثانية في بلد آخر لا يمنعه حقها في أن يقضي لها حقها في المبيت، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 56440.
ويجوز للزوج أن يهاتف زوجته الثانية لتفقد حالها ونحو ذلك، وأما أن يكون الكلام على الحال التي ذكرت، فلا يجوز فيما يظهر، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 214456.
وننبه على أهمية الحوار بين الزوجين في شؤونهما والسعي في حل ما يمكن ان يكون عقبة في طريق استقرار الأسرة، بالحكمة، وللزوجين أن يوسطا العقلاء من أهلهما، ومن أهل الخير والفضل من غيرهم، فعسى الله -تبارك وتعالى- أن يجري الخير على أيديهم، فيكون الصلح والإصلاح، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 35}
وقال أيضًا: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء: 128}.
والله أعلم.