الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب شرعًا بحماية نفسه مما يضرّ بصحته، فيتجنب أي مكان يمكن أن تحصل فيه العدوى من مرض معيّن. فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يورِدنَّ مُمرض على مُصِحٍّ. متفق عليه، وهذا لفظ للبخاري في صحيحه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما حديث "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدره. اهـ.
أما ما يفعله زوجك من التزاور مع والده، والتواصل معه؛ فإنه غير محرم، بل لو فرضنا أن أخا زوجك، وزوجته ووالد الزوج كلهم مصابون بذلك المرض المعدي، فلا يحرم التواصل معهم، ولا تبادل الزيارات.
جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: الأمر بالفرار من الأسد ليس للوجوب، بل للشفقة، لأنه صلى الله عليه وسلم كان ينهى أمته عن كل ما فيه ضرر بأي وجه كان، ويدلهم على كل ما فيه خير، وقد أكل هو مع المجذوم، فلو كان الأمر بمجانبته على الوجوب لما فعله. اهـ.
وفي شرح النووي على صحيح مسلم: وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل مع المجذوم، وقال له: كُل ثقة بالله، وتوكلاً عليه. وقد ذهب عمر -رضي الله عنه- وغيره من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ، والصحيح الذي قاله الأكثرون ويتعين المصير إليه: أنه لا نسخَ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط لا للوجوب، وأما الأكل معه؛ ففعله لبيان الجواز. انتهى باختصار.
والله أعلم.