الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم الدخول في عقد فاسد منهيٍّ عنه، ولو مع نية التصدّق بما يكتسب منه؛ لحرمة تعاطي العقود المحرمة، فقد جاء في حاشية الجمل على شرح المنهاج: تعاطي العقد الفاسد، أي مع العلم بفساده، أو مع التقصير في تعلّمه؛ لكونه مما لا يخفى عليه، وهو مخالِط للمسلمين بحيث يبعُد جهله بذلك، حرام أيضًا سواء ما فساده بالنص، أو الاجتهاد. اهـ.
وقال الزركشي في المنثور: وقال ابن الرفعة: ما كان من العقود منهيًّا عنه؛ فالإقدام عليه حرام. اهـ.
وينبغي للمسلم أن يحتاط لدِينه، فلا يدخل في شيء من الشبهات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدِينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في حكم الشبهات، فقد قال النووي في شرحه على مسلم: ما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبه، فهل يؤخذ بحِلّه، أو بحرمته، أم يتوقف فيه؟ ثلاثة مذاهب، حكاها القاضي عياض، وغيره. انتهى.
وينبغي لمن أراد أن يتخلّص من هذا المال، أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، أو ينفقه على الفقراء والمساكين.
وإذا جهل الشخص مقدار هذا المال؛ فإنه يُخرِج ما يغلب على ظنّه، ويتيقن براءة ذمّته به.
فإذا فعل ذلك؛ فقد برأت ذمّته، وطاب له بقية ماله.
ويجوز للمصلحة الشرعية أن يعطي الفقراء بقيمة ذلك المال ما تيسّر من الأشياء العينية -كالملابس- سواء اشتراها بماله أم تملّكها بهبة، ونحوها، وتكون القيمة هي القيمة في السوق.
والله أعلم.