الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف يعتبر أجيراً خاصاً لدى جهة عمله، والأجير الخاص هو من قُدِّر نفعه بزمن، أي: حصل الاتفاق معه على أن تكون منافعه في هذا الوقت (الدوام الرسمي) ملك للمستأجر (جهة العمل). فإذا حضر الموظف في وقت دوامه، وفرَّغ نفسه فيه لعمله، استحق الأجرة كاملة، بغض النظر عن إنجازه لمهامه، وإنتاجه كمًّا وكيفًا، فلا يطالب إلا ببذل وسعه في هذا الوقت.
قال المرغيناني في بداية المبتدي: الأجير الخاص الذي يستحق الأجرة بتسليم نفسه في المدة، وإن لم يعمل. اهـ.
وقال في شرحه (الهداية): إنما سمي أجير واحد؛ لأنه لا يمكنه أن يعمل لغيره؛ لأن منافعه في المدة صارت مستحقة له، والأجر مقابل بالمنافع؛ ولهذا يبقى الأجر مستحقًّا، وإن نُقِضَ العمل. اهـ.
وبهذا يتضح أن عدم قدرة السائل على الإنجاز، أو على التركيز، وعجزه عن إيجاد الحلول، ونحو ذلك من العوارض، لا حرج عليه فيه، ولا ينقص من أجرته، إذا بذل وسعه، وفرغ نفسه لعمله.
وقولك: (أحيانا أنجز عملي في 6 ساعات) إن كان المقصود به أنك تترك مقر العمل قبل انتهاء وقت الدوام الرسمي دون إذن بذلك؛ فهذا لا يجوز لك دون وجود إذن نصي أو عرفي به، فإن لم يكن هنالك إذن في ذلك، فليس لك ترك مكان العمل، ولو لم يعهد إليك بعمل تؤديه في الساعتين المتبقيتين.
وأما إن كان المقصود به أنك تكف عن العمل في تطوير البرمجيات، لعدم قدرتك على مواصلة العمل فيها لعدم التركيز ونحوه، لكنك تبقى في عملك إلى انتهاء الدوام، فلا حرج عليك وفق ما سبق بيانه. ما لم يكن هنالك إذن بالانصراف حينئذ نصًا أو عرفًا.
قال ابن قدامة: الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي. اهـ. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 393463.
وأما مسألة طلب المساعدة من المدير، فهذه يرجع فيها لعقد العمل، أو العرف السائد في هذا المجال، ولكن بصفة عامة يجب على الموظف أداء أمانة عمله والحرص على ما ينفعه. وانظر للفائدة الفتوى: 98017.
والله أعلم.