الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن البغض لأحكام الإسلام وكراهية الدين من أمارات الكفر والضلال كما أن محبة الدين وتعاليمه من أمارات كمال الإيمان.
وقد ذم الله تعالى الكارهين للدين في عدة آيات وجعل ذلك من علامات الكفر.
فقال: [ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ] (الشورى: 13)
وقال: [لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ](الزخرف:78)
وفي مثل هذا المقام جاءت آية سورة محمد المذكروة في السؤال،[ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ] (محمد: 9)
وأما الآيتان المذكورتان في الجهاد فالمراد بالكراهية فيهما نفور الطبع عنه لما فيه من مشقة القتال على النفس البشرية وخطره على الروح لا أنهم كرهوا أمر الله، كذا قال البغوي في تفسيره، وقال ابن كثير في التفسير: قوله تعالى[ُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ]
(البقرة: 216)، أي شديد عليكم ومشقة وهو كذلك فإنه إما أن يقتل أويجرح مع مشقة السفر ومجالدة الأعداء ثم قال:[ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ] (البقرة: 216)، أي لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء والاستيلاء على بلادهم وأموالهم وذراريهم وأولادهم، [وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ]
(البقرة: 216)، وهذا عام في الأمور كلها قد يحب المرء شيئا وليس له في خير ولا مصلحة ومن ذلك القعود عن القتال قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير عند تفسير قوله تعالى: [ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ] (لأنفال: 5)، فيها قولان أحدهما كارهون خروجك، والثاني: كارهون صرف الغنيمة عنهم وهذه كراهة الطبع لمشقة السفر والقتال وليست كراهة لأمر الله تعالى.
وراجع الفتوى رقم: 23586 في جواب الرضى بأمر الله الديني.