الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الجماهير من أهل العلم أن وقت الرمي في أيام التشريق يبدأ من زوال الشمس، ولا يصح قبله، وينتهي وقته المختار بغروب الشمس، ويمتد وقت الجواز إلى ما قبل طلوع فجر اليوم الذي يليه.
قال النووي في المجموع: لا يجوز رمي جمرة التشريق إلا بعد زوال الشمس، وبه قال ابن عمر، والحسن، وعطاء، ومالك، والثوري، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد، وداود، وابن المنذر. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يرمي في أيام التشريق إلا بعد الزوال، فإن رمى قبل الزوال أعاد، نص عليه، وروي ذلك عن ابن عمر، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وروي عن الحسن وعطاء. اهـ.
وذهب بعض العلماء إلى جواز الرمي قبل الزوال، وهو رواية عن أبي حنيفة وبعض الحنابلة. قال الكاساني في البدائع: وروي عن أبي حنيفة أن الأفضل أن يرمي في اليوم الثاني والثالث بعد الزوال، فإن رمى قبله جاز، وجه هذه الرواية أن قبل الزوال وقت الرمي في يوم النحر، فكذا في اليوم الثاني والثالث. اهـ.
وقال ابن مفلح في الفروع: وجوّز ابن الجوزي الرمي قبل الزوال. اهـ. وللفائدة انظر الفتوى: 143799.
وعليه؛ فرميكم في اليوم الأول من أيام التشريق صحيح، تقليدًا لمن يقول بجواز ذلك من أهل العلم؛ كما قدمنا.
وأما الرمي في اليوم الثاني؛ فالذي فهمنا من سؤالك أنكم رميتم قبل فجر اليوم الثاني عشر، وهذا الرمي غير معتد به شرعًا؛ لوقوعه قبل وقته، عند جمهور أهل العلم. وتراجع الفتوى: 80840. ففيها إشارة لقول بصحته.
فيلزمكم دم لترك رمي الجمرات في اليوم الثاني؛ لقول ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في الموطأ: من نسي من نسكه شيئا، أو تركه فليهرق دمًا.
ويلزمكم دم ثانٍ عن طواف الوداع؛ إذ الطواف الذي قمتم به غير معتد به شرعًا، لوقوعه قبل تمام المناسك، فوجوده كالعدم. وراجع للفائدة الفتويين: 116545، 143379. ويمكنكم أن توكلوا من يذبح عنكم في مكة ويوزعها للفقراء.
وإن كان مراد السائل غير ما ظهر لنا، فليبين ذلك حتى نجيب عليه.
وأما بخصوص الحجاج الذين تبعوك، فإن فعلوا مثل ما فعلتم، فحكمكم واحد، ويلزمهم ما لزمكم على ما بيناه، فإن كان يمكنك التواصل معهم، فعليك إبلاغهم بذلك حتى يفعلوا ما يتم به نسكهم.
والله أعلم.