الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستنجاء بالجدار مباح عند الشافعية والحنفية محرم عند المالكية إذا كان الجدار وقفاً أو مملوكاً للغير ومكروها إذا كان مملوكاً للشخص المستنجي به، ففي المجموع للنووي وهو شافعي: قال القاضي حسين: ولو وضع رأس الذكر على جدار ومسحه من أسفل إلى أعلى لم يجزئه وإن مسحه من أعلى إلى أسفل أجزأه وفي هذا التفصيل نظر. انتهى.
وفي البحر الرائق وهو حنفي: فالصواب أن يأخذ الذكر بشماله فيمره على جدار أو موضع ناء من الأرض. انتهى.
وفي الدردير شرح مختصر خليل وهو مالكي أثناء كلامه على ما يحرم الاستنجاء به: وجدار لوقف أو في ملك غيره ويكره في ملكه. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير: قوله لوقف أي سواء كان الوقف مسجداً أو غيره كأن وقفه أو وقفه غيره كان الاستجمار بجدار الوقف من داخله أو خارجه فالحرمة بالاستجمار به مطلقاً لأن ذلك يؤدي لهدمه.
قوله أو في ملك غيره أي إذا استجمر به بغير إذن مالكه وإنما حرم لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فإذا استجمر بجدار الغير بإذنه كره فقط، قوله ويكره في ملكه أي ويكره الاستجمار بالجدار إذا كان الجدار في ملكه أي واستجمر به من داخل، وأما إذا استجمر به من خارج فقولان بالكراهة وهو المعتمد وقيل بالحرمة، وإنما نهي عن الاستجمار بجدار ملكه لأنه قد ينزل المطر عليه ويصيبه بلل ويلتصق هو أو غيره عليه فتصيبه النجاسة وخوفاً من أذية عقرب وهذا التعليل يجري في جدار الغير بإذنه. انتهى.
وعليه فالاستنجاء بالجدار لا بأس به عند الشافعية والحنفية وفيه تفصيل عند المالكية كما سبق ذكره، والأفضل في الاستنجاء أن يكون بالحجر ثم بالماء بعده، قال ابن قدامة في المغني: والأفضل أن يستجمر بالحجر ثم يتبعه الماء، قال أحمد: إن جمعهما فهو أحب إلي لأن عائشة قالت: مرن أزواجكن أن يتبعن الحجارة الماء من أثر الغائط والبول فإني أستحييهم كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله احتج به أحمد ورواه سعيد ولأن الحجر يزيل عين النجاسة فلا تصيبها يده ثم يأتي بالماء فيطهر المحل فيكون أبلغ في التنظيف وأحسن. انتهى.
والله أعلم.