الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأسماء المذكورة من أسماء الله الحسنى التي تضمنت بعض صفاته العُلى، وقد ورد اسم (العزيز) مقروناً باسم (الحكيم) في سبعة وأربعين موضعاً من كتاب الله عز وجل.
ومعنى العزيز في اللغة: القوي المنيع من العزة والمنعة التي هي ضد الذل والهوان، ومعنى الحكيم: العالم المدبر للأمور المتقن لها، ومعنى الجبار: القوي الذي جبر الخلائق على ما أراد، أو جبر حالهم، بمعنى أصلحهم.
وفي اقتران هذين الاسمين الأحسنين: العزيز والحكيم كمال زائد على الكمال الذي يقتضيه كل واحد منهما حال إفراده.
قال الشيخ ابن عثيمين: والحسن في أسماء الله يكون باعتبار كل اسم على انفراد، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.. مثال ذلك "العزيز الحكيم" فإن الله يجمع بينهما في القرآن كثيراً، فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز والحكمة في الحكيم والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل كما يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم ويجور ويسيء التصرف، وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل. اهـ.
وأما اسم "الجبار" فقد ورد في موضع واحد من كتاب الله وهو قوله سبحانه: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ {الحشر:23}
. وهذا السياق فيه تعداد لجملة من أسماء الله الحسنى، ولا ريب في أن جمع هذه الأسماء الحسنى في هذا السياق كمال زائد على كمال كل اسم إذا أفرد، لكن ليس في الآية اقتران خاص بين اسم (العزيز) واسم (الجبار) كالاقتران بين (العزيز) و(الحكيم) الذي تقدم،
وننبه على أن اسم الله العزيز قد جاء مقترنا بأسماء أخرى في كتاب الله، كالرحيم والعليم والقوي والغفور والغفار والحميد والوهاب والمقتدر.
والله أعلم.