الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فلست ضامنا ولا مسؤولا عن مال قريبك المذكور، كما أنه لا ضمان على صاحب المطعم لو تلف المال المستثمر عنده بغير تعد منه ولا تفريط، ووجه ذلك أنك أنت مجرد وكيل في تسليم هذا المال للرجل صاحب المطعم، وتسلم الأرباح منه إن وجدت، وهو أي صاحب المطعم يعتبر مضاربا، والمضارب وكيل عن رب المال.
وعلى كل حال؛ سواء قلنا إن المضارب وكيل أو قلنا إنه شريك فإنه لا يضمن ما لم يتعد أو يفرط وهو محمول على الأمانة، والأمانة مقتضاها تصديقه والرجوع إلى قوله لو ادعى تلفا أو خسارة.
قال السرخسي، وهو حنفي: ولو قال المضارِب في مرضه قد ربحت ألف درهم ووصلت إلي فضاع المال كله، وكذبه رب المال، فالقول قول المضارب مع يمينه لأنه أمين...
وقال خليل بن إسحاق في مختصره، وهو مالكي: والقول للعامل في تلفه وخسره.
وقال الإمام النووي، وهو شافعي: ويصدق العامل بيمينه في قوله لم أربح..... وفي دعوى التلف.
وقال ابن قدامة، وهو حنبلي: وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة، وما يُدَّعَى عليه من خيانة وتفريط.
فاتضح لنا من كلام هؤلاء الأئمة أن المضارب أمين، وأنه مصدق بيمين على قولً، وبغير يمين على قولٍ آخر، والشاهد من هذا في مسألتنا أن صاحب المطعم محمول على الأمانة والصدق فيما لو كان حيا وادعى خسارة للمال أو تلفه من غير تفريط ولا تقصير منه، وأنه لا يضمن، ولا يضمن بالأولى لو مات هو مع تلف المال أو خسارته.
أما أنت الوسيط فلا تضمن أيضا لأنك مجرد وكيل تسليم وتسلم -كما قدمنا- ولم تتعد فيما وكلت فيه على ما ذكرت، وبالتالي فتلف هذا المال أو خسارته لو تحقق ذلك يعتبر مصيبة نزلت بصاحبه فليحتسبها عند الله عز وجل.
هذا؛ وننبه إلى أن ما ورد من الاتفاق بينك وبين قريبك على خصم نسبة 5% من صافي الأرباح مقابل تغطية مصاريف الاتصال..... لا يصح، وذلك لما فيه من الجهالة لأن تلك النسبة قد تقل وقد تكثر حسب الأرباح قلة وكثرة، ولا تجوز الجهالة لا في الجعل ولا في الإجارة، وكان اللازم في مثل هذه الحالة هو خصم المصاريف المذكورة أي ما يخص قريبك منها من نسبته من الربح بالغة ما بلغت.
والله أعلم.