الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد رخّص الشرع في استعمال الدفّ في الأعراس والعيدين، وهذا خاص بالنساء، على الراجح من قولي العلماء، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير عِنْد أحْمَد، وَصَححهُ ابن حبَان، وَالْحَاكِم: أعْلنُوا النِّكَاح. زَاد التِّرْمِذِيّ، وابن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ. وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. وَلِأَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ: فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ.
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: وَاضْرِبُوا. عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ.
وَالْأَحَادِيثُ الْقَوِيَّةُ فِيهَا الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ، فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِنَّ الرِّجَالُ؛ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّه بِهن. اهـ.
واختلف العلماء في استعمال الدف في غير ذلك من المناسبات، كالختان، وقدوم الغائب، وحصول الأمر السارّ.
والذي يظهر -والله أعلم- جواز ذلك للنساء؛ لثبوت الرخصة فيه في العيدين، ولما روى أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وصححه الألباني في السنن عن بريدة أن أمة سوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رجع من بعض مغازيه، فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله سالمًا أن أضرب عليك بالدفّ. قال: إن كنت نذرت؛ فافعلي، وإلا فلا. قالت: إني كنت نذرت. قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربت بالدف. فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدفّ تحت استها، ثم قعدت عليه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يخاف منك -يا عمر- … الحديث.
وعليه؛ فلا حرج في استعمال الدفّ أحيانًا في الحفلات المدرسية، أو المنزلية، بين النساء خاصة.
والله أعلم.