الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض هو أحد عقود التبرعات التي الأصل فيها أن يقصد بها فاعلها الثواب من الله تعالى، ولا ينتظر مقابلاً من أحد عند القيام بها، فإذا ما حصل اتفاق على مبلغ زائد عن رأس المال عند عقد القرض أو قبل سداده لم يجز ذلك لأنه من الربا المحرم، أما عند عقد العقد فواضح، لأنها زيادة مشروطة مقابل الزمن، وهذا هو الربا، وأما في أثناء العقد فكذلك لأن الزيادة المشروطة حينئذ ستكون مقابل الزمن المتبقي للسداد، ولا يبيح تلك الزيادة كونها بصيغة الوعد لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني، وعلى فرض كونها وعداً فإنه لا يجوز أيضاً، لأننا لوقلنا الوعد ملزم ـ كما هو قول بعض العلماء ـ صار الوعد في معنى الاتفاق، وهو ممنوع كما قدمنا، وإن قلنا غير ملزم لم يجب الوفاء به، لا سيما وأن ما عُلق عليه لم يحصل.
علماً بأن الشرع قد أباح للمقترض أن يزيد عند الوفاء دون اتفاق سابق من باب البر والإحسان، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل يتقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً، فقال: أعطوه سناً فوق سنه، وقال: خيركم أحسنكم قضاءً .
وبناء على هذا، فليس للمقرض هنا سوى ما أقرض من مال ولايجوز له المطالبة بأكثر منه، بناء على الوعد السابق من المدين، وذلك لما قدمناه من تعليلات.
ولمعرفة المزيد عن الوعد وحكم الوفاء به راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 12729 ، 17057 ، 33456.