الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
أما معنى زيادة العمر الوارد في بعض الأحاديث فالصحيح مذهب الجمهور أن العمر لا يزيد ولا ينقص، واحتجوا بقوله تعالى: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ {نوح: 4} وقوله تعالى: فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ {يونس: 49}.
وحديث ابن مسعود في الصحيحين: ... ثم يرسل إليهم الملك فيؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد. وتكون الزيادة الواردة في الأحاديث بمعنى البركة في العمر والتوفيق للطاعة، فيعمل في أوقات قليلة ما يعجز غيره أن ينجزه في عمره كله. قال الحافظ في الفتح: إن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وإن الذي يجوز عليه التغير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة الموكلين بالآدمي فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص. اهـ.
وذهب جمع من أهل العلم إلى أن العمر يزيد وينقص حقيقة، واستدلوا بقوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {الرعد: 39}، واحتجوا بأحاديث منها: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. والجواب على ذلك هو ما سبق عن الحافظ، وأيضا فإن المقدور قدر بأسباب ولم يقدر مجردا فتقدير دخول الجنة بالأعمال الصالحة، وتقدير زيادة العمر بصلة الرحم، وعليه فلا إشكال بين الأدلة، وراجع الفتوى رقم: 23751.