الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوقف لغة: الحبس، يقال: وقفت كذا أي حسبته، وشرعاً حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح. انتهى من أسنى المطالب، وقال في مواهب الجليل: لغة: الحبس، وشرعاً: حبس عين لمن يستوفي منافعها على التأبيد. انتهى.
أما الهبة لغة فهي التبرع والتفضل بما ينفع الموهوب له مطلقاً، وشرعاً تمليك عين بلا عوض، قال في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: وهي -الهبة- تمليك تطوع في حياة، فخرج بالتمليك العارية والضيافة والوقف، فإن الأوجه أنه لا تمليك فيه، وإنما هو بمنزلة الإباحة، كما صرح بذلك السبكي فقال: الأوجه للاحتراز عن الوقف، فإن المنافع لم يتملكها الموقوف عليه بتمليك الواقف بل بتسليمه من جهة الله تعالى. انتهى.
وأما تعليق الهبة أو توقيتها على الوضع المذكور في السؤال فلا يجوز، جاء في أسنى المطالب: فرع: لا يجوز تعليقها (الهبة) ولا توقيتها. انتهى.
وجاء في المغني: ولا يصح تعليق الهبة بشرط لأنها تمليك لمعين في الحياة فلم يجز تعليقها على شرط، وإن وقَّت الهبة فقال: وهبتك هذا سنة ثم يعود إلي لم يصح لأنه عقد تمليك لعين فلم يصح مؤقتاً كالبيع. انتهى، وذهب ابن تيمية إلى جواز تعليق الهبة على شرط كما ذكر ذلك عنه صاحب الإنصاف.
وجاء في الإنصاف أيضاً: ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالاً على أن لا يتزوج.. ومن لم يوف بالشرط لم يستحق العوض، لأنها هبة مشروطه بشرط منتف بانتفائه. وقال المجد: لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده فالشرط باطل في قياس المذهب، ومن جهة أنه ليس في ذلك غرض صحيح بخلاف حال الحياة. انتهى.
هذا.. ومحل الرجوع في الهبة على قول من يجيز ذلك إذا لم يتصرف الموهوب في الهبة، أما إذا تصرف فيها أو أتلفها فإن حق الواهب يسقط فيها مع سقوط الضمان أيضاً.
والله أعلم.