الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ييسر أمرك، وأن يصلح حالك وأن يجبر كسرك وأن يخلف علينا وعليك بخير، أما عن سؤالك فقد اشتمل على مسألتين:
المسألة الأولى: حكم الاستفادة من التعويض الذي حكمت لك به المحكمة، والذي ستدفعه لك شركة التأمين مقابل ما أصابك من الضرر بسبب الحادث، وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7899، 14509، 42822.
والخلاصة أن لك أخذ التعويض من شركة التأمين ما لم يكن أكثر من الضرر الحاصل عليك.
والمسألة الثانية: حكم الاتفاق مع المحامي على أن يعطيك مائتين وستين ألف ليرة مقابل أن تتنازل له عن الدعوى المذكورة، والحكم في ذلك أن الاتفاق مع المحامي له صورتان:
الصورة الأولى: أن يتفق معه على أنه إذا تمكن من التحصل على التعويض فله مبلغ قدره كذا، ويشترط في هذا المبلغ أن يكون معلوماً لأن المعاملة حينئذ جعالة، ومن شروط الجعالة أن يكون الجعل معلوماً، ولا تضر فيها الجهالة بالعمل، ومن ذلك تعرف حكم ما اتفقت عليه مع المحامي المذكور فهو جائز بشرط أن يكون الجعل هو الفارق بين إجمالي المبلغ المتوقع المذكور، والمبلغ الذي دفعه لك، أي مائة وأربعون ألف ليرة، فإذا حصلت زيادة على إجمالي المبلغ المتوقع فهي لك وإذا حصل نقص فيلزمك أن تكمل له مائة وأربعين.
والصورة الثانية: أن يتفق مع المحامي على عمل معلوم بأجرة معلومة كأن يعمل لمدة شهر بأجرة قدرها خمسون ألف ليرة مثلاً، وهذا لا حرج فيه بشرط أن يضبط العمل بما يرفع الجهالة عنه لأن المعاملة حنيئذ إجارة ومن شروط الإجارة العلم بالعمل والعلم بالأجرة.
أما أن يحصل الاتفاق مع المحامي على أن يدفع للموكل مبلغاً معيناً مقابل التنازل له عن القضية ثم ما زاد مما يتحصل عليه فهو له كائناً ما كان فهذا لا يجوز للجهالة والغرر الظاهر في ذلك وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
والله أعلم.