الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه الطريقة لا يجوز التوسل بها إلى الله تعالى، لأنها جمعت الشر كله، فهي وسيلة إلى الشيطان، وإنما التوسل إلى الله تعالى بما شرع مما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال، وهذه الطريقة لم يشرعها قطعا، فهي مما لا يحب ولا يرضى، بل ما ذكر فيها من كمال توجه وحضور قلب إلى الغوث الأعظم لتفريج الكربات وإجابة الحاجات من الشرك الأكبر المجمع عليه، والذي هو من جنس كفر النصارى والغلاة، وأشد كفرا من كفر عباد الأصنام. قال في تيسير العزيز الحميد: فمن دعا غير الله طالبا منه ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب خير أو دفع ضر فقد أشرك في عبادة الله، كما قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {الأحقاف: 5}. وقال تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ {فاطر: 13}. فمن قال: يا رسول الله أو يا عبد القادر زاعما أنه يقضي حاجته إلى الله تعالى أو أنه شفيعه عنده أو وسيلة إليه فهو الشرك الذي يهدر به الدم ويستباح به المال، إلا أن يتوب صاحبه من ذلك. اهـ.
قال ابن تيمية: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم يدعوهم ويسألهم كفر إجماعا. اهـ.
قال في الأجوبة النجدية: ويقال لهذا الجاهل إن كنت تعرف أن الإله هو المعبود وتعرف أن الدعاء من العبادة فكيف تدعو مخلوقا ميتا عاجزا وتترك الحي القيوم الحاضر الرؤوف الرحيم القدير. اهـ.
قال ابن تيمية: أما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله، فهو غياث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره، لا بملك مقرب ولا نبي مرسل، ومن زعم أن أهل الأرض يدفعون حوائجهم التي يطلبونها من كشف الضر عنهم ونزول الرحمة ... إلى الغوث فهو كاذب ضال مشرك، فقد كان المشركون كما أخبر الله عنهم بقوله: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ {الإسراء: 67}. وقال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل: 62} فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحُجّاب وهو القائل سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186}. وقال إبراهيم عليه السلام داعيا لأهل مكة: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ {إبراهيم: 37}. الخ. اهـ باختصار.
وعليه، فلا يجوز الدعاء بهذا الورد، بل الدعاء به كفر لاشتماله على الاستغاثة بغير الله ووصف عبد القادر بما لا يجوز إلا لله، مثل: يا غوثهم في الخير والضراء، لا يخيب ولا يضام بجاهكم، فأجبت من ناداك كن لي ظهيرا في البلاء الحاذر، كن حاجبا عن شر أعداء كافري إلى آخره من الكفريات .
والله أعلم.