الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن لقيام الليل فضلا عظيما وخاصة في وقت السحر وعند الهدوء والسكون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ..واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل..رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني وقال صلى الله عليه وسلم :عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل قربة إلى الله ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد رواه الترمذي في جامعه وحسنه الألباني.
وقد فرضه الله تعالى على المسلمين في بداية الأمر بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا {المزمل:1-2}، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا كاملاً حتى نزل آخر السورة الذي يتضمن التخفيف والنسخ لوجوب القيام فبقي تطوعا وقربة، فقال تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ {المزمل:20}. رواه مسلم.
فإذا استطعت القيام في وقت السحر أو في وقت النوم وسكون الناس فذلك المطلوب، وإلا فبإمكانك أن تقوم بأهلك أو بحضرتهم حتى يتعلموا منك ويستأنسوا بعبادتك وقراءتك ويتعودوا ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. رواه مسلم.
ولا داعي لإرسال زوجتك إلى المسجد لتمكث فيه عدة ساعات بحجة أنك تريد أن تصلي النافلة فهي أصلاً قد أسقط عنها الشرع وجوب صلاة الجماعة في المسجد فكيف نلزمها بالخروج إليه في غير وقت الصلاة، وإذا كان لا بد من خروج أحد فلتكن أنت فذلك أنسب، وعليك أن ترغب زوجتك بطريقة ودية في صلاة الليل وجلسات التلاوة والأذكار.... وبمداومتك على ذلك ستستجيب إن شاء الله تعالى.
ولا يمنعك الحرص على إخفاء الطاعة من تركها أو إرسال أهلك إلى جهة أخرى، فقد كان السلف الصالح يقومون الليل في بيوتهم وبحضرة أزواجهم وأولادهم... بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وقد قال الفضيل بن عياض رحمة الله تعالى عليه: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 30366، والفتوى رقم: 13746.
والله أعلم.