الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن مجرد خسارة نسبة كبيرة من المال لا تبيح المسألة، فكم من تاجر أو صاحب مؤسسة يخسر الأموال الطائلة ويبقى له بعد الخسارة ما يغنيه عن سؤال الناس، والسؤال إنما يباح لمن ألمت به حاجة شديدة في نفقاته ونفقات عياله أو كانت له ديون كثيرة يعجز عن الوفاء بها.
ففي صحيح مسلم وسنن النسائي وأبي داود والدارمي ومسند الإمام أحمد من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال: سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا.
ثم ما يعطيه الأصدقاء من المال إن كانوا يوجهونه إلى شخص معين أو يعطونه لمن يتصف بصفة من الاحتياج معينة، فلا يجوز صرفه في غير ما قصده المانحون، وعليه فإن كنت محتاجا بالدرجة التي وردت في الحديث، ولم يكن أصدقاؤك يخصصون عطاياهم لأشخاص بعينهم، وكنت متصفا بالصفة التي يريدونها، فلا مانع من الأخذ مما يعطونك، وإن اختل شيء من ذلك لم يجز ما تفعله.
والله أعلم.