الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجواب سؤالك الأول هو: أن ما قام به الرجل من مداهمة بيت عمه صحيح، وهو من إنكار المنكر. قال الإمام النووي في روضة الطالبين: قال الماوردي: فإن غلب على ظن المحتسب أو غيره استسرار قوم بالمنكر بأمارة وآثار ظهرت فذلك ضربان: أحدهما: أن يكون فيه انتهاك حرمة يفوت تداركها بأن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا برجل ليقتله، أو بامرأة ليزني بها، فيجوز التجسس والإقدام على الكشف والإنكار، والثاني: ما قصر عن هذه الرتبة فلا يجوز فيه الكشف والتجسس. اهـ
وقال المليباري في فتح المعين بشرح قرة العين: وليس لأحد البحث والتجسس واقتحام الدور بالظنون، نعم إن أخبره ثقة بمن اختفى بمنكر لا يتدارك كالقتل والزنا لزمه ذلك. اهـ
وقال الشربيني في مغني المحتاج: وليس لكل من الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر التجسس والبحث واقتحام الدور بالظنون، بل إن رأى شيئاً غيره نعم إن أخبره ثقة بمن اختفى بمنكر فيه انتهاك حرمة يفوت تداركها كالزنا والقتل اقتحم له الدار وتجسس وجوباً. اهـ
وأما جواب السؤال الثاني: فما قاله هذا الرجل من لزوم الدية على الزاني قول غير صحيح، وليس عليه دليل، ولم يقل به فيما نعلم أحد من أهل العلم.
وأما جواب السؤال الثالث: فاعلم أن الولايات ثلاث:
1- ولاية مال.
2- ولاية دم.
3- ولاية نكاح.
فإن كان المقصود ولاية المال، فلا ولاية في المال إلا للأب أو الجد. أما ابن الأخ، فلا ولاية له على عمه إلا بأمر الحاكم. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في شرح روض الطالب: (فصل: للأب والجد أخذ النفقة) الواجبة لهما على فرعهما (من مال فرعهما الصغير) أو المجنون بحكم الولاية (و) لهما (تأجيره) أي إيجاره (لها) لما يطيقه من الأعمال (ولا تأخذها الأم) من ماله إذا وجبت نفقتها عليه (و) لا (الابن) من مال أبيه المجنون إذا وجبت نفقته عليه (إلا بالحكم) لعدم ولايتهما (فيولي القاضي الابن الزمن إجارة أبيه المجنون) إذا صلح لصنعة (لنفقته). اهـ
فإذا لم يكن للابن ولاية على أبيه فابن الأخ أولى أن لا يكون له ولاية، وإن كان المقصود ولاية الدم فهي حق لكل وارث.
وإن كان المقصود ولاية النكاح، فهي على قسمين:
1- ولاية إجبار وهي للأب والجد فقط.
2- ولاية اختيار وهي لباقي الأولياء.
وأما جواب الفقرة الأخيرة من سؤالك وهي: هل لو قتل الزاني يأثم أم لا؟
فالجواب هو ما قاله الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم حيث قال: وقد اختلف العلماء فيمن قتل رجلا وزعم أنه وجده قد زنى بامرأته جمهورهم لا يقبل قوله بل يلزمه القصاص إلا أن تقوم بذلك بينة أو يعترف به ورثة القتيل، والبينة أربعة من عدول الرجال يشهدون على نفس الزنى، ويكون القتيل محصناً. وأما فيما بينه وبين الله تعالى، فإن كان صادقاً فلا شيء عليه، وقال بعض أصحابنا يجب على كل من قتل زانياً محصناً القصاص ما لم يأمر السلطان بقتله والصواب الأول. اهـ
وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: قال أبو عمر يريد والله أعلم أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه، وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله، وأن لا يتعدى حدوده، فالله ورسوله أغير ولا خلاف علمته بين العلماء فيمن قتل رجلاً ثم ادعى أنه إنما قتله لأنه وجده مع امرأته بين فخذيها ونحو ذلك من وجوه زناه بها، ولم يعلم ما ذكر عنه إلا بدعواه أنه لا يقبل منه ما ادعاه، وأنه يقتل به إلا أن يأتي بأربعة شهداء يشهدون أنهم رأوا وطأه لها وإيلاجه فيها، ويكون مع ذلك محصناً مسلماً بالغاً أو من يحل دمه بذلك (فإن جاء بشهداء يشهدون له بذلك نجا وإلا قتل، وهذا أمر واضح لو لم يجىء به الخبر لأوجبه النظر، لأن الله حرم دماء المسلمين تحريماً مطلقاً، فمن ثبت عليه أنه قتل مسلماً فادعى أن المسلم قد كان يجب قتله لم يقبل منه رفعه القصاص عن نفسه حتى يتبين ما ذكر، وهكذا كل من لزمه حق لآدمي لم يقبل قوله في المخرج منه إلا ببينة تشهد له بذلك. اهـ، وبهذا يُعلم أنه لا يحق لذلك الرجل قتل ذلك الذي وجده كما وصف وأنه إن قتله بذلك اقتص منه.
والله أعلم.