الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الشرع بالتداوي وحث عليه، وجعل الله لكل داء دواء، ففي سنن الترمذي عن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب: ألا نتداوى؟ قال: نعم عباد الله، تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، إلا داء واحدا، قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم.
وعليه؛ فلا حرج عليك في التداوي بالدواء الذي وصفته لك الطبيبة، ولست مطالبة بالبحث عن مكوناته لأن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا أن تعلمي مسبقاً أن من مكوناته ما هو محرم كالخنزير أو الميتة والدم أو شيء من النجاسات الأخرى، فعندئذ يجب تركه والبحث عن غيره من الأدوية المباحة.
وإذا لم يكن في الإمكان تناول أي دواء آخر فترة الحمل غير الدواء الذي يحوي مادة محرمة، وكانت الحامل مضطرة إليه لما تعانيه من المغص والآلام، فلا حرج عليها في استعماله لأن الضرورات تبيح المحظورات، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}، وقال العز بن عبد السلام: جاز التداوي بالنجاسات إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها، لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسات. وإذا كانت الضرورة تبيح استعمال الدواء المتيقنة نجاسته فمن باب أولى ما هو مشكوك فيه.
والله أعلم.