الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجمع للصلاتين إما أن يكون جمع تقديم وهو أداؤهما معا في وقت الأولى منهما، وإما جمع تأخير وهو فعلهما في وقت الثانية منهما، قال البهوتي في كشاف القناع: فهذه الأربع هي التي تجمع: الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت إحداهما، إما الأولى ويسمى جمع التقديم، أو الثانية ويقال له جمع التأخير. انتهى.
والجمع للصلاتين المشتركتين في وقت له أسباب كالمطر والسفر والمرض، وراجع تفصيلها في الفتوى رقم: 6846.
وإذا كنت مشتغلاً بعمل يصعب قطعه بحيث تترتب على ذلك مشقة في نفسك أو مالك، فيباح لك جمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وهذا مذهب بعض أهل العلم كالحنابلة بشرط أن لا يتخذ هذا الجمع عادة دائمة بل هو خاص بحالة الحرج والمشقة، وراجع الفتوى رقم: 17324.
أما جمع العصر مع المغرب فلم يقل أحد من أهل العلم بإباحته، بل أجمعوا على حرمته، قال ابن قدامة في المغني: ولو كان الجمع هكذا لجاز الجمع بين العصر والمغرب والعشاء والصبح، ولا خلاف بين الأمة في تحريم ذلك. انتهى.
فحصول المشقة إذا مبيح للجمع بين مشتركتي الوقت عند الحنابلة رفعا للحرج ولا يدخل في ذلك الجمع بين العصر والمغرب كما ذكرنا، واعلم أن الصلاة شأنها عظيم في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين وتاركها مع إنكار وجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وأما إن كان مقرا بوجوبها فاختلف أهل العلم هل يحكم بكفره أم لا، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 512.
ثم إن من الواجب عليك الاستقامة على أوامر الله تعالى، وعلى رأسها المحافظة على الصلاة في وقتها فإذا فعلت ذلك كفاك الله كل ما أهمك في دنياك وأخراك، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}، كما عليك أن تعلم أن ما كتبه الله تعالى من رزق للإنسان سيصل إليه لا محالة ولن يزيد على ذلك مهما بذل من الأسباب، فلا خير في عمل يترتب عليه ارتكاب معصية فما عند الله تعالى لا ينال إلا بطاعته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. رواه الطبراني في المعجم الكبير وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
والله أعلم.