الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فبداية نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل، ثم اعلمي أيتها الأخت أنه إذا كان زوجك على نحو ما ذكرت من التقصير في حقوقك فإنه بذلك آثم، لأن الله تعالى لما أباح التعدد اشترط وجود العدل فقال سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}.وقد ورد الوعيد الشديد لمن لم يعدل بين زوجتيه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود وصححه الألباني. وعلى هذا فالواجب على هذا الرجل أن يتقي الله تعالى ويتدارك نفسه بالتوبة وإعطائك كامل حقوقك بما في ذلك النفقة والمبيت فإن تاب وأدى إليك حقوقك فاحمدي ربك على تفريج الهم. وإن أصر على عصيانه فينبغي أن تحاولي نصحه في ذلك لعله يرجع، ووسطي ذوي قراباته ومن له جاه مقبول عنده فإن لم يفد هذا كله معه فلا مانع من طلب الطلاق منه لرفع هذا الضرر الحاصل، ولو أدى ذلك إلى رفع أمره إلى القاضي وكذلك لوحصل ذلك مقابل ما تتراضيان عليه من مال وهو الخلع، وليس في هذا تعارض مع الحديث الذي ذكرت لأن الحديث إنما عنى التي تطلب الطلاق من غير ضرر. ولا حرج عليك في الدعاء بالخلاص ممن هو مقصر في حقوقك الواجبة. أما مسألة السفر إلى العمرة وأحرى غيرها من الأسفار غير الواجبة، فاعلمي أنه لا يجوز لك السفر إلا بإذن هذا الرجل ما دمت زوجة له ولك أن تعطيه من المال ما يرضيه به إن أصر على طلب ذلك، هذا إذا كانت العمرة المذكورة غير عمرتك الأولى، وإلا فلا يحتاج إلى إذنه عند من يقول بوجوبها في العمر مرة كالحج. وننبهك إلى أن السفر عموما سواء كان للحج أو للعمرة لا بد فيه من وجود محرم، وانظري الفتوى رقم: 5936، أما بخصوص الإقدام على الزواج بغير ولي فالجمهور من أهل العلم على بطلانه، لكن ما دمت قد أقدمت على هذا النكاح مقلدة الإمام أبا حنيفة الذي يجيز ذلك فالنكاح صحيح، وهذا نص علماء مذهبه كما يقول السرخسي في المبسوط: بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن امرأة زوجت ابنتها برضاها فجاء أولياؤها فخاصموها إلى علي فأجاز النكاح، وفي هذا دليل على أن المرأة إذا زوجت نفسها أو أمرت غير الولي أن يزوجها جاز النكاح ومنه أخذ أبو حنيفة. اهـ. والله أعلم.