الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمصلحة المعتبرة عند أهل العلم واعتد بها بعضهم أصلاً لاستنباط الأحكام هي المصلحة المرسلة من القيود أي لم تقيد من طرف الشارع باعتبار ولا إلغاء.. وعرفها بعضهم بالاستصلاح، لاشتمالها على المصلحة، وبالمصلحة المرسلة لعدم التنصيص عليها لا بالاعتبار ولا بالإلغاء، وهي حجة عند الإمام مالك ومن وافقه من أهل العلم لأخذ الخلفاء الراشدين والسلف الصالح بها، فقد جمع الخلفاء الراشدون القرآن الكريم عملا بالمصلحة المرسلة، وعهد أبو بكر بالخلافة لعمر وسن عثمان الأذان الأول للجمعة عندما كثر الناس وتوسعت المدينة ودعت المصلحة لذلك وهكذا، فالمصلحة المرسلة معمول بها في الضروريات والحاجيات والتحسينيات على ما تقتضيه مقاصد الشريعة الإسلامية.
ومن شروط المصلحة المرسلة ألا يخالف الحكم المثبت بها نصا شرعياً، ومنها: عدم إضافة عبادة جديدة أو ركن أو شرط... أو زيادة أو نقص في مقدر شرعي، ومنها: أن يكون حصول المصلحة بالحكم مقطوعا به أو غالبا على الظن... وأن يكون الحكم المبني على المصلحة المرسلة عاما للأمة فإذا كان لمصلحة فئة دون أخرى فإنه يعتبر باطلا.
وفي تعريف المصلحة المرسلة والأمثلة عليها يقول العلامة الشنقيطي في المراقي (ألفية الأصول):
والوصف حيث الاعتبار يجهل * فهو الاستصلاح قل والمرسل
نقبله لعمل الصحابة * كالنقط للمصحف والكتابه
تولية الصديق للفاروق * وهدم جار مسجد للضيق
وعمل السكة تجديد الندا * والسجن تدوين الدواوين بدا
والله أعلم.