الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن ما من أحد إلا ويحدث بينه وبين زوجته خلاف وسوء تفاهم وربما هجر أحدهما الآخر وقد كان يحصل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم، فقلت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل، قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئاً وسليني ما بدا لك... الحديث. رواه مسلم وغيره.
فهذا خير الخلق الذي وصفه الله عز وجل بأنه على خلق عظيم تهجره الواحدة من زوجاته ولا تكلمه اليوم والليلة، فهذا أمر طبيعي ولا بد من حصوله بين الأزواج لكن يجب أن لا يستمر الهجر وعدم التصالح هذه المدة المذكورة في السؤال لأنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
فنوجه النصيحة للزوجة بأن تتقي الله في زوجها، فإن له عليها حقا عظيماً يأتي بعد حق الله سبحانه وتعالى فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه. رواه البزار والحاكم بإسناد حسن.
فمن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر وترجو لقاء الله فعليها أن تطيع زوجها بالمعروف وتبره بما تستطيع فإنه جنتها أو نارها كما في الحديث عن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حاجة، فقال: أي هذه، أذات بعل أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، وقال: فأين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. رواه مالك والحاكم.
ونوجه نصيحة للزوج أن يحسن إلى زوجته فإن لها حقا عليه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228}، وأن يستعمل الحكمة في التعامل مع زوجته ويغض الطرف عن الهفوات ويبادر إلى مصالحتها وإرضائها إن غضبت منه ولا يفكر في الطلاق فإنه أبغض الحلال إلى الله.
أما عن الزواج بأخرى فإن كنت تجد في نفسك القدرة المالية والبدنية والثقة بالعدل، فلا حرج عليك في الزواج بأكثر من امرأة، ونحيلك على الفتوى رقم: 7844 لمزيد من الفائدة، ولكيفية التعامل مع الزوجة الناشز تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1225، 4055، 3738.
والله أعلم.