الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المسلم إذا كان متلبساً بنسك وفي حرم الله الآمن فإنه يجب عليه أن يكون مسالماً لكل من حوله وما حوله من إنسان وحيوان ونبات... فمكة المكرمة حرمها الله تعالى وما حولها حرم الله الآمن، لا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها.... كما جاء ذلك في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ومن أتلف شيئاً من نبات الحرم الذي نبت بنفسه من غير اضطرار ولا حاجة إليه فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يضمن قيمة ما أتلف، قال صاحب الروض المربع وهو حنبلي المذهب: ويُضمن حشيش وورق بقيمته وغصن بما نقص...
وذهب بعضهم إلى أنه لا ضمان فيه وإنما عليه التوبة والاستغفار، قال الشيخ خليل في المختصر وهو مالكي المذهب ممزوجاً بالشرح: ولا جزاء أي لا جزاء في قطع جميع ما ذكرنا أنه لا يجوز قطعه لأنه قدر زائد على التحريم يحتاج إلى دليل، بل يستغفر الله تعالى. ولعل هذا القول هو الراجح لعدم الدليل على القول بالجزاء، وعلى هذا فمن داس على النباتات والحشائش حتى أفسدها فإن عليه أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه ولا فدية عليه، وإن تصدق وفعل شيئاً من أعمال الخير فذلك أفضل، هذا إذا كان النبات داخل الحرم ومما نبت بنفسه، أما إذا كان خارج الحرم أو مما استنبته الناس فلا فدية فيه قطعاً، ولكن لا يجوز إتلافه من غير ضرورة أو حاجة لأن ذلك من الفساد الذي نهى الله تعالى عنه.
والله أعلم.