الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالأصل جواز أكل الإنسان وحده أو مع غيره، ودليل هذا قول الحق سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً {النور: 61}. إلا أنه من الخلق الحميد أن لا يتعمد الشخص ذلك، خاصة إذا كان بين أهله وأضيافه، وقد كان من عادة العرب الحسنة التي ورثوها عن إبراهيم أن الواحد منهم لا يأكل وحده، ومنه قول بعض الشعراء: إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له * أكيلا فإني لست آكله وحدى. قال القرطبي ناقلا عن ابن عطية: وكانت هذه السيرة موروثة عندهم عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فإنه كان لا يأكل وحده، إلى أن قال فنزلت الآية مبينة سنة الأكل ومذهبة كل ما خالفها من سيرة العرب، ومبيحة من أكل المنفرد ما كان عند العرب محرما، نحت به نحو كرم الخلق فأفرطت في إلزامه وإن إحضار الأكيل لحسن ولكن بألا يحرم الانفراد.هـ. وعلى هذا فالأولى بهذا الرجل أن لا ينفرد عن أسرته في الأكل لما في ذلك من حسن الخلق وتطييب الخاطر، وإن أبى إلا الأكل وحده فلا حرج.