الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يثبت لنا أن الهاتف المحمول يسبب سرطان الدماغ، ولو ثبت ذلك عن الأطباء الموثوق بهم فلا يجوز استعماله، ويكون ذلك حينئذ من الإلقاء باليد إلى التهلكة، قال الله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29}. وقال الله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة: 195}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أبو داود وغيره.
ولكن ما يشاع بين الناس من هذه الأمور إنما هو مجرد احتمالات لا قطعيات، فأهل الاختصاص لا يزالون مختلفين في الأضرار التي يسببها الهاتف المحمول، فمنهم من يثبت بعض الأضرار، ومنهم من ينفيها، فلا يزال في الأمر غموض، ومع هذا، نقول: يجب طرح الأمر على أهل الاختصاص.
وأما شراؤك الجوال بعد أن حلفت أن لا تشتريه فإنك تحنث به وتجب عليك الكفارة عند بعض الفقهاء، وذهب بعضهم إلى أنه يراعى في هذه اليمين بساطها وهو الحامل لك عليها وهو سماعك أنه يسبب ضررا، فإذا تبين لك أنه لا يسبب ضررا فلا كفارة عليك في شرائه، والقول الأول أحوط.
وقد اختلف الفقهاء فيمن حلف أيمانا ثم حنث هل تتعدد في حقه الكفارة أم تلزمه كفارة واحدة؟
1- فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأيمان المكررة على شيء واحد لا تلزم فيها عند الحنث إلا كفارة واحدة، واستدلوا بما رواه عبد الرزاق والبيهقي وابن حزم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا قسمت مرارا فكفارة واحدة.
هذا إذا كنت تكرر الأيمان على شيء واحد ولم تحنث بعد، أما إذا حلفت ثم حنثت فإنها تلزمك كفارة، فإن عدت وحلفت ثم حنثت لزمتك كفارة أخرى، وهكذا، خلافا للمعتمد عند الحنابلة، فإنهم يوجبون كفارة واحدة في هذه الحالة أيضا.
2- وذهب الحنفية في المعتمد إلى أنها أيمان متعددة، فتجب كفارة لكل يمين.
3- وذهب بعض المالكية وبعض الشافعية إلى أنه إن قصد الحالف التأكيد فعليه كفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف فعليه كفارة لكل يمين.
والقول الأول هو الراجح لأثر ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم.
والله أعلم.