الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت أمك لا تستطيع الإتيان بأركان الصلاة أو بعضها كالفاتحة بسبب الخرف الذي هو فساد في العقل نتيجة كبر سنها، فإن الصلاة تسقط عنها ولا قضاء عليها، وأما إذا كانت تستطيع الصلاة إلا أنها تعجز عن قراءة الفاتحة لنسيان ونحوه فتنتقل إلى مثلها من القرآن، فإن لم تستطع فتنتقل إلى مثلها من الذكر، فإن لم تستطع فتسكت بقدر ما تقرأ فيه. وإذا كان عقلها يذهب ويعود إليها في بعض الأحيان فإنه يلزمها الصلاة التي أدركتها وهي بعقلها فقط، لأن الصلاة لا تسقط عن الشخص ولو كبر في السن وبلغ ما بلغ من الضعف ما دام إدراكه وعقله باقيين، وتصلي على الهيئة التي يمكنها بها أداء الفرض: قائمة أو قاعدة أو على جنب أو مستلقية تومىء إيماء حسب قدرتها، فإن لم تستطع الإيماء كفاها إجراء أفعال الصلاة على قلبها لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري. وإنما لم تسقط الصلاة عن الشخص ما دام عنده عقله لأن العقل هو مناط التكليف.
وعليه.. فالمطلوب من ذوي هذه المرأة أن يعينوها على الطهارة من الخبث في بدنها وثوبها قدر المستطاع، وأما ما كان فوق المستطاع فمعفو عنه، ويعينوها كذلك على الطهارة من الحدث بالماء، فإن عجزت عن الماء ، فبالتراب، ويعينوها على أداء الصلاة في أول الوقت أو في أثنائه حسب الإمكان، ولا عذر لها في ترك الصلاة بالكلية ما دامت بعقلها وتدرك حقيقة الصلاة. فإن كان عقلها قد تغير من الخرف حتى صارت لا تعي ما تقول، فإن القلم يكون قد رفع عنها، لما رواه أصحاب السنن والدرامي وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. وفي رواية: وعن المعتوه حتى يعقل. وهي في هذه الحالة مثلهم. ونذكر ذوي هذه المرأة بأن لهم الأجر والثواب العظيم في صبرهم على هذه المرأة والإحسان إليها وإعانتها على أمورها كلها لا سيما في مثل هذه الحالة. ورخص بعض أهل العلم للمريض الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما للتخفيف عليه.