الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القول بتطور الكائنات الحية من شكل إلى آخر حتى وصلت إلى شكل الإنسان هو قول دارون وهو قول باطل، لأن الله تعالى ذكر في القرآن أنه خلق الإنسان من تراب خلقا خاصا بيده، كما خلق باقي الخلق خلقا خاصا بهم، كل نوع على حدة، قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ {النور: 45} وقال سبحانه عن خلق الإنسان: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً {البقرة: 30}. وقال: فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ {الحج: 5}. وقال أيضا: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ {ص: 75}. وانظر الفتوى رقم: 23346.
ثم إن نظرية دارون منقوضة في ذاتها، إذ لا يوجد الجيل الوسيط بين القرد والإنسان، فإن التطور يقتضي جيلا يمثل حلقة الوصل بين السابق واللاحق، وهذا لم يوجد أبدا.
ثم لماذا لم يتحول القرد إلى إنسان؟ بل بقي القرد يعيش إلى جوار الإنسان، كما بقيت الأسماك والطيور والزواحف..
وانظر نقد العلماء المختصين بدراسة الكائنات الحية لنظرية دارون في الفتوى رقم: 4755.
هذا، وإن الشأن في المؤمنين أنهم يصدقون ما أخبرهم الله تعالى به في كتابه وما أخبرهم به رسوله، ولا يشكون في شيء من ذلك بعد أن قامت الأدلة والبراهين على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا امتدحهم الله بقوله: الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ {البقرة:1-3}. وإنما تتفاوت منازل الناس ورتبهم عند الله بمقدار اليقين الذي في قلوبهم بهذه المغيبات، ولذلك كان أبو بكر الصديق هو أفضل الأمة بعد نبينا، لأن ما وقر في قلبه من اليقين بالله وبما أخبر به أكبر بكثير من غيره، بل لو وزن إيمانه بإيمان باقي المؤمنين لرجح إيمان أبي بكر!!
وأما سؤال المدرسة عن شكل الله فهذا سؤال شخص متعنت شاك في الله، ويريد من الآخرين أن يشكوا مثله، فالله تعالى حق وهو في السماء، مستو على عرشه، بائن من خلقه، لكننا لا نراه في هذه الحياة الدنيا، وإنما يراه المؤمنون يوم القيامة، وفي الجنة.
فنحن نؤمن به ولم نره، ولكننا موقنون به أكثر من يقيننا بأنفسنا، ولا نستطيع أن نصفه بغير ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم مع قطع الطمع عن معرفة كيفية هذه الصفات، بل نؤمن جازمين أنه سبحانه ليس كمثله شيء، والتفكر في كيفية صفاته سبحانه من مواطن الهلاك والضلال. نسأل الله العافية من ذلك، ونحن لم نشاهده لأنه سبحانه من جملة المغيبات التي حجبها الله عنا كالجنة والنار والملائكة وعرش الرحمن ونحو ذلك
ولكننا نعلم صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة، ولا نخوض في كنه الله وحقيقته، فإن علم ذلك ليس إلينا. قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ {الإسراء: 36}. وقال صلى الله عليه وسلم: تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله. رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني وانظر الفتاوى: 11727، 39560، 29135.
ولمزيد من التفصيل في نقض نظرية دارون وغيرها من النظريات الإلحادية راجع كتاب (العقيدة في الله) للدكتور عمر سليمان الأشقر، وكتاب (الإيمان والحياة) للشيخ يوسف القرضاوي، وكتاب (العلم يدعو إلى الإيمان)، وكتاب (قصة الإيمان) لنديم الجسر، وكتاب(الإسلام يتحدى) لوحيد الدين خان، وكتاب(الإسلام في عصر العلم) لمحمد فريد وجدي، وكتاب (الله يتجلى في عصر العلم).
هذا، واعلم أنك مسؤول عن رعيتك، وإن تعريض ابنتك لمثل هذه المدرسة التي تشككها في عقيدتها هو من تضييع الأمانة التي استرعاك الله إياها واستحفظك عليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة.. رواه مسلم. فيجب تجنيب ابنتك هذه المدرسة قبل أن يحل في قلب البنت ما يحل، نسأل الله العافية للجميع.
وانظر حكم العيش في بلاد الكفار في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.