الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الزنا ليس كغيره من الأمور، وموضوعه خطير للغاية، ففعله إحدى الكبائر، ولكن رمي الشخص به من غير أن تتوفر شروط ثبوته هو من الموبقات التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتنابها. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور: 4}. وقال تعالى: لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ {النور: 13}. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. وعد منها: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
وشهود الزنا يجب أن تتوفر فيهم سبعة شروط هي: كونهم أربعة، وكونهم رجالا، وكونهم أحرارا، وكونهم عدولا، وكونهم مسلمين، وأن يصفوا الزنا فيقولوا: رأينا فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة أو كالرشا في البئر، وأن يجيء الشهود كلهم في مجلس واحد. انظر المغني لابن قدامة: 9/65.
وبناء على هذا، فإن إخبارك المحكمة بالموضوع من غير أن تتوفر هذه الشروط يعتبر خطأ كبيرا تستحق به حد القذف. وواجبك إنما هو أن تحول دون وقوع الفاحشة إن أمكنك ذلك وأن تنصح الشخصين وتذكرهما بالله وتعظهما، فإذا تابا وانتهيا فالأفضل الستر عليهما، وإن تماديا على ذلك فالأصوب حينئذ إخبار أخيك ليصون محله ويتدبر أمره.
والله أعلم.