الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزنا الذي يوجب الحد هو الذي تغيب فيه حشفة الرجل في الفرج، وهناك نوع آخر من الزنا يأثم بفعله الإنسان، ولكنه لا يوجب حداً، وذلك مثل النظر إلى الأجنبية والتلذذ بصوتها أو بملامسة جسدها ونحو ذلك، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا. والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه.
وعليه، فإنك تعتبر زانياً بالمعنى الأعم، لا بالمعنى الأخص الذي يترتب عليه الحد، واعلم أن عبارة ( بشر القاتل بالقتل والزاني بالفقر ولو بعد حين) ليست بآية وإنما هو حديث ضعيف. قال في كشف الخفاء ومزيل الإلباس: بشر القاتل بالقتل، قال في المقاصد لا أعرفه، والمشهور على الألسنة بزيادة: والزاني بالفقر ولو بعد حين، ولا صحة لها أيضا.
وأما عقابك يوم القيامة فلا أحد يستطيع الجزم بأنه يقع أو لا يقع، إلا أنك إذا تبت إلى لله مما ارتكبت توبة نصوحاً فأبشر لقول الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، وإن لم تتب فإن غلبت حسناتك على سيئاتك فأنت إلى خير، وإلا فأنت في مشيئة الله إن شاء عذبك وإن شاء تفضل عليك بالمغفرة، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48}.
هذا، ومما يجدر التنبه له أن عليك أن تبتعد عن مخالطة النساء والخلوة بهن، فإن ذلك من أشد حبائل الشيطان لاصطياد أمثالك من الشباب.
والله أعلم.