الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم أيها الأخ الكريم وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى أن من سنة الله تعالى في عباده المومنين ابتلاءهم تمحيصاً لهم وتمييزاً للصادقين من غيرهم ورفعاً لدرجاتهم في الدار الآخرة، قال تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم: ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) [العنكبوت1-3:]، وهذا الابتلاء أنواع شتى يتفنن فيها أشقياء كل أمة وكل جيل، فتارة يكون بالقتل والتشريد، وتارة يكون بالأذية والمضايقات، وتارة يكون بإلصاق التهمة الباطلة والمسميات الزائفة، ومن قرأ كتاب الله وتدبره وأمعن النظر في قصص الأنبياء وأتباعهم وما لاقوه من أقوامهم الكافرين وجد في ذلك أسوة حسنة له فيما يلقاه في هذه الأيام، فيشتد أزره ويصلب عوده، ويقوى بإذن الله تعالى وتوفيقه على تحمل كل أذى في سبيل تمسكه بدينه وطاعة ربه واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم إن الابتلاء في هذه الأيام أشد لتكالب أمم الشر على المسلمين وهجمتهم الشرسة عليهم (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).[التوبة:32]
فعلى المؤمن أن يصبر ويتمسك بدينه ويعض عليه بالنواجذ حتى يأتي أمر الله بالنصر للمسلمين. فهذا هو الزمان الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الفتن فيه، وشدة ابتلاء المؤمن بدينه فيه، ففي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" وفي المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر"
فعليك أيها الأخ أن تعي هذه الحقيقة وتعلم هذه السنة الإلهية وتتقي الله تعالى ما استطعت وتهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عجزت عن تطبيقه من ذلك عملياً عجزاً حقيقياً فإنك غير مؤاخد به عند الله تعالى إذا كان ميلك حقيقة هو إلى ما يحب الله ورسوله قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا) [التغابن:16].
والله أعلم.