الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: حكم الاتفاق الذي حصل بينك وبين الشركة على أن تعمل لديهم ولك مقابل ذلك نسبة من الأرباح ولك إضافة إلى ذلك راتب شهري، وهذا الاتفاق فيه محذور شرعي، لأنه إن كان العقد مضاربة فلك نسبة من الربح وليس لك راتب، وإن كان العقد إجارة فلك راتب وليس لك نسبة، لأن ذلك يجعل الأجرة مجهولة وفيها غرر، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الغرر كما في صحيح مسلم، وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.
قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه، أو دفع غزلاً إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه أو غزلاً إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وقال ابن سيرين: إذا قال: بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك، فلا بأس به.
وأما أن تجمع بين العقدين في عقد واحد فهذا لا يصح، حتى على مذهب الحنابلة الذين يجيزون أن تكون الأجرة نسبة لكن هناك رواية عن الإمام أحمد تجيز ذلك، وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب، قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. انتهى.
ولتصحيح هذه المعاملة: فإما أن تكون مضاربة، وذلك بأن تدفع لك الشركة مالاً لتبيع وتشتري فيه، ولك مقابل ذلك نسبة من الربح، وإما أن تكون إجارة بأن تستأجرك الشركة وقتاً معلوماً بأجرة معلومة لا بنسبة من الربح، وذلك على مذهب الجمهور كما تقدم.
والأمر الثاني: ما قمت به من بيع وشراء لحسابك الشخصي من مالك الشخصي في وقت الشركة مستخدماً أدوات الشركة واسم الشركة، ولا شك في أن ذلك حرام، فالواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله من ذلك، وإعطاء الشركة قسطاً من الراتب بحسب الوقت مقابل الوقت الذي تم صرفه في ذلك.
وكذا ما تم استخدامه من أدوات الشركة واسم الشركة يجب أن تعطي الشركة أجرة المثل مقابل ذلك، وما قاله صديقك من أن الربح كله للشركة ولك من الربح ما تم الاتفاق عليه فقط غير صحيح، ما دام الشراء كان بمالك وكنت تنوي الشراء لنفسك، إلا أنك قد أسأت باستخدام وقت وأدوات واسم الشركة بغير إذن كما تقدم.
والله أعلم.